الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد :
فإن فقه البيوع - في تصوري - هو بمثابة القواعد والأسس التي بني عليها الإقتصاد الإسلامي ، فمن فقه البيوع تتعرف على البيوع المحرمة والعلة في تحريمها ، كما تتعرف على أخطاء كثيراً ما نقع فيها بسبب عدم علمنا بفقه البيوع ، فكم من معاملات هي ربا في حقيقتها يتعامل فيها الناس بغير علم فيكونوا قد وقعوا في الربا وتعاملوا به وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
وعملية البيع في حقيقتها عقد ضمنيّّ بين البائع والمشتري ، وقد وضع العلماء لهذا العقد شرط منها :
- ما يتعلق بالمتعاقدين ، فيشترط أن يكون كل من طرفي العقد أهلاً للتصرف ( حراً ، بالغاً ، عاقلاً ، رشيداً ) ، ويشترط أن يكون البيع بينهما عن تراض منهما ، فلا يصح بيع المكره ، وأن يكون البائع مالكاً للسلعة أو يقوم مقام المالك ،
- شروط في السلعة ، مثل أن تكون مباحة النفع غير محرمة ، فلا تكون خمراً أم آلات للهو والموسيقى وما إلى ذلك ، وأن يقدر على تسليم السلعة للمشتري ، وأن تكون السلعة معلومة برؤية أو صفة عند البائع والمشتري .
ومن المعلوم أن من سعة الشريعة الإسلامية ويسرها أن جعلت الأصل في البيوع الحلّ ، فكل معاملة لم يأت دليل على تحريمها فهي حلال ، ومن الضروري إذن أن نعرف تلك البيوع المحرمة ، وقد قسمها كتاب " تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة " على النحو التالي :
محرمات تتعلق بالعقد ( عملية البيع نفسها ) وفيها :
- محرّم لأن المال غير متقوم أي أن الشرع لا يعتبره مالاً .
- محرم بسبب الغرر .
- محرم لأنه غير مملوك .
- محرم بسبب الربا .
محرمات لا تتعلق بالعقد ، وفيها :
- محرم بسبب التدليس والخديعة .
- محرم بسبب الإضرار بالغير .
- محرم لأنه يؤدي إلى محرم .
- محرم لأسباب تعبدية .
وهذا التقسيم الرائع هو ما سنسير عليه في المقالات القادمة التي نسعى فيها لتقريب فقه البيوع ، نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى .