ثقة المستهلك

· View Comments

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد :

كثيراً ما نقرأ ونسمع في الأخبار الإقتصادية كلمة " ثقة المستهلك " كأحد الموشرات التي يقاس بها أداء الإقتصاد ، لكن البعض لا يعلم ما هو معنى هذا المصطلح ، وهو ما سنحاول بيانه في السطور القادمة .



ثقة المستهلك consumer confidence

هو من أحد المؤشرات التي تقيس آراء المستهلكين ، حيث يعبر عن آراء المستهلكين وإختياراتهم وتوقعاتهم حول الأوضاع الإقتصادية للدولة ، ودرجة التفاؤل والتوقعات والإقبال على الشراء عندهم تجاه أوضاع السوق والاقتصاد ومستقبل التطورات أو الرخاء والنمو في هذه السوق .

طريقة الإعداد

يتم بناءه على مسح يشمل عينات من العاملين في شركات الولايات المتحدة يصل عددها الى 5000 شركة تمثل مختلف القطاعات الاستهلاكية المنزلية ، إذ يتم ارسال استبيان شهري الى هؤلاء العاملين يتضمن خمسة أسئلة رئيسية تدور حول تقديراتهم للأوضاع الراهنة للأعمال ، وتوقعاتهم لأوضاع الأعمال للأشهر الستة المقبلة ، وتقديراتهم لأوضاع العمالة الحالية ، وتوقعاتهم لأوضاع العمالة للأشهر الستة المقبلة ، وتقديراته لحجم الدخل العائلي للأشهر الستة المقبلة .
وتوضع في العادة ثلاثة بدائل للإجابة على كل سؤال من هذه الأسئلة هي إيجابي أو سلبي أو حيادي .
وتجمع الأجوبة لكل من البدائل الثلاثة ويقسم كل منها على مجموع الأجوبة لكي يتم التوصل الى الثقل أو الأهمية النسبية لكل جواب ؛ ويتم تطبيق هذه الطريقة على الأجوبة ككل ، وأيضا لكل جواب على حدة بحيث يمكن أن يقسم المؤشر الى خمسة أقسام منفصلة . كما يوجد للمؤشر سنة أساس تتم مقارنة النتائج بها .

أهميته

من خلال التعريف السابق تتضح لنا أهمية هذا المؤشر وتأثيرة في اتخاذ القرارات الإقتصادية ، ويؤثر مؤشر ثقة المستلك بشكل أساسي على أسواق الأهسهم والسندات .

للمزيد

الرّبا ..مفهومه وخطره

· View Comments

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد :

فإن من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام ، أن الله تعالى قد حرّم الرّبا ، وجاءت الآيات متوعدة من يتعامل بالربّا بالحرب من الله ورسوله ، ولم يبلغ من تفظيع أمر أراد الإسلام إبطاله من أمور الجاهلية ما بلغ من تفظيع الرّبا ، ولا بلغ من التهديد في اللفظ والمعنى ، ما بلغ من التهديد في أمر الرّبا ، يقول الله تعالى في كتابه العزيز :

“ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ “ (البقرة275 –276 ).
وقال: “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ “ (البقرة 278 – 279 ) .
وقال: “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ “ ( آل عمران 130:132) .

وجاءت السنة النبوية تبين أن الرّبا من الكبائر ، ومن الجرائم الموبقات المهلكات ، وأن اللعنة تلحق من يأكله ، ومن يطعمه غيره .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : “ اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : يا رسول الله : وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات” (البخاري2766) .
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم “ (صحيح الترغيب2831).
وتفشي الربا في المجتمع سبب من أسباب وقوع العذاب ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال : “ ما ظهر في قوم الزنا أو الربا ؛ ألا أحلّوا بأنفسهم عذاب الله “ (صحيح الترغيب2402) .
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهديه ، وقال : “هم سواء” (صحيح مسلم1598) ، واللعن هو الطرد من رحمة الله .
وعاقبة آكل الرّبا من أبشع ما يكون ، قال صلى الله عليه وسلم : “ رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم ، فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل ، بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيهِ ، فردّه حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر ، فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ . فقال : الذي رأيته في النهر آكل الربا “ (البخاري2085) .

مفهـوم الربـا

معنى الربا في اللغة : الزيادة ، قال تعالى : “ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ “ .
ومعناه في الشرع : الزيادة في أشياء مخصوصة ، وعند النظر في تفسير الآيات التي حُرّم فيها الرّبا ، نجد أن أقوال العلماء تدور حول “ أن يكون للرجل على الرّجل الدين ، فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني فيوخر عنه .

أقسـام الربـا

  1. ربا الدّيون ، وهو الرّبا الذي حرّمه القرآن ، ويسمى أيضاً ربا النسيئة ، والنسيئة معناها: التأخير ، لأنه ناتج عن تأخير الدائن مبلغ القرض عن المدين نظير زيادة على أصل القرض ، وهو ما كان شائعاً في الجاهلية ، إذ كانوا يقرضون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً ويكون رأس المال باقياً ، ثم إذا حلّ أجل الدَّين ، طالبوا المديون برأس المال ، فإن تعذر عليه الأداء ، زادوا في الحق والأجل ، وطبقوا القاعدة الجاهلية “ إمّا أن تقضي ، وإمّا أن تربي “ .
    والدّين إمّا أن يكون ناتجاً عن قرض كما في المثال السابق ، أو يكون ناتجاً عن بيع آجل ، فإذا حل الأجل ولم يدفع المشتري الثمن ، إلتزم بدفع زيادة عليه مقابل الزيادة في الأجل ، وهو ما يفعله كثير من التجار اليوم عند البيع بالتقسيط ، حيث يأخذون زيادة من المشتري عن تأجيل دفع الأقساط عن موعدها المحدد ، ويسمونها “فوائد التأخير” .
  2. ربا البيوع ، وهو الذي جائت السنة بتحريمه ، وهو نوعان ، ربا الفضل أي الزيادة ، وربا النسيئة أي التأخير والتأجيل ، حيث يقول صلى الله عليه وسلم “ الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف ، فبيعوا كيف شئتم ، إذا كان يداً بيد “ ( مسلم1587) وفي رواية أخرى “ فمن زاد أو استزاد فقد أربى . الآخذ والمعطي فيه سواء “ ( مسلم1584) .

    وحتى يتسنى لنا فهم هذا الحديث أكثر ، نذكر ثلاث حالات :
    الأولى : أن يتحد المبيع بجنسة من الأصناف الربوية : كم يبيع الذهب بالذهب ، أو تمراً بتمر ، إلخ ما ذكر في الحديث ، فيشترط لهذه الحالة شرطان :
    1- التقابض في نفس المجلس ، فيسلم ما يبيعه ويأخذ ما يشتريه في نفس المجلس ، وإلا فلا يجوز تأخير شيئ منهما حتى لا نقع في ربا النسيئة ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم “ يداً بيد “ .
    2- المماثلة ، أي أن يتساوي المباع والمشترى ، فيكون وزن الذهب المباع كوزن الذهب المشترى ، والتمر المباع كالتمر المشترى ، حتى لو كان أحدهما جيداً والآخر رديئاً ، حتى لا نقع في ربا الفضل ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم “ مثلاً بمثل ، سواء بسواء “ ، والصحيح هو أن نبيع القديم بثمنه ثم نشتري الجديد بثمنه .
    الثانية : أن يختلف المبيع عن جنسه مع إشتراكهما في علّة الرّبا ، كأن يبيع ذهباً بفضة ، فالجنس مختلف والعلّة واحدة وهي الثمنية ، أو يبيع تمراً بـبُرّ ( البر هو القمح ) فالجنس مختلف والعلّة واحدة وهي القوت ، ففي هذه الحالة يشترط شرط واحد هو التقابض في نفس المجلس ، فقد قال صلى الله عليه وسلم “ بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد ، وبيعوا الشّعير باللتمر كيف شئتم يداً بيد “ (البخاري ومسلم).
    ويدخل في هذه الحالة تجارة العملة ، فيجوز بيع الدولار بالجنيه ، وغير ذلك من العملات بشرط التقابض في نفس المجلس .
    الثالثة : أن يختلف المبيع عن جنسة ، مع إختلافه في العلة ، كأن يبيع الشعير بالذهب ، أو التمر بالفضة ، فهذا جائز بلاشرط ، فيجوز فيه التفاضل ، ويجوز فيه التأخير .

  3. أضـرار الرّبـا

لا شكّ أن الربا –شأنه شان كلّ ما حرّمه الله – له مفاسد عظيمة ، ومخاطر جسيمة على الفرد والمجتمع ، وعلى النظام الإقتصادي ذاته ، وفي النقاط التالية بعض من أضرار الرّبا ومفاسده :

  • الرّبا يولّد لدى الإنسان الأنانية وحب النفس ، فلا يهمه إلا مصلحته ومنفعته .
  • تتلاشى روح الإنسانية بين الإنسان وأخيه الإنسان ، فلا يحسن أحد إلى أحد ، ولا يعطف احد على أحد .
  • يولد الكراهية والعداوة بين أفراد المجتمع ، ويقضي على كل مظاهر الشفقة والحنان، والتعاون والإحسان .
  • يزرع في القلب الحسد والبغضاء، ويدمر قواعد المحبة والإخاء .
  • ساهم الرّبا في زيادة مشكلة البطالة بين طوائف كثيرة من المجتمع ، إذ إن كثيراً من الناس قنع بما يتعاطاه من الرّبا من البنوك ، دون أن يمارس إنتاجاً في الحياة .
  • لو لم يكم من مفاسد الرّبا إلا الأزمة المالية الأخيرة لكفى بها مفسدة .

هذا ما تيسّر جمعه حول مفهوم الرّبا وبعض من المفاسد المترتبة عليه ، وهذه المقالة بمثابة المقدمة إلى سلسلة نتحدث فيها عن الرّبا وما يترتب عليه من معاملات محرّمة ، نسأل الله التوفيق .

البيوع المحرّمة بسبب الغرر

· View Comments

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد : Agreement-main_Full

نواصل معاّ الحديث عن فقه البيوع ، وقد وصلنا للحديث عن البيوع المحرّمة بسبب الغرر ، وفقاً للتقسيم الذي ارتضيناه في مقدمة السلسلة ، وللحديث عن البيوع المحرّمة بسبب الغرر لابد لنا أولاً من معرفة معنى الغرر ، حتى يتسنى لنا فهم الحكمة من تحريمه .

مفـهـوم الغـرر

معنى " الغرر" في اللغة دائر على معنى النقصان والخطر ، والتعرض للهلكة ، والجهل . ومعناه في الإصطلاح كما بيّنة ابن القيّم – رحمه الله - : مالا يـُعلم حصوله ، أو لا تـُعلم حقيقته ومقداره .

ويأتي تحريم الغرر من حرص الإسلام على حفظ أموال الناس ، وعدم أكل أموالهم بينهم بالباطل ، وحرصه على زرع معاني الأخوة والمحبة بين المسلمين ، لأن البيوع المحتوية على غرر ، تؤدي إلى وقوع الخلاف والنزاع بين المسلمين .

هل كل الغرر محرّم ؟

بيع الغرر حرام ، وهو أصل من أصول فقه البيوع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر " ، لكن ليس كل الغرر محرّم ، فإذا كات الغرر يسيراً تدعو إليه الحاجة ، أو يتسامح الناس بمثله – ومردّ ذلك إلى العرف - فلا يؤثر ذلك في البيع ، كالجهل بأساس الدّار المباعة ؛ والممنوع هو الغرر الفاحش ، الذي يؤدي إلى الخصومة وأكل أموال الناس بالباطل .

أنــواع الغــرر

من الغرر ما يقع في الشيئ محل العقد ( السلعة التي يتضمنها العقد ، أو ثمن تلك السلعة ) ، فمن الغرر في محل العقد :

  • الجهل بجنس المحل ، كأن يقول : بعتك سلعة بعشرة ، أو بعتك ما في كمّي بعشرة ، هكذا دون تحديد جنس السلعة المباعة .
  • الجهل بنوع المحل ، فلو قال شخص لآخر : بعتك حيواناً بكذا ، دون أن يبين نوع هذا الحيوان أهو من الجمال أم الشّاء ، فالبيع فاسد لجهالة النوع .
  • الجهل بصفة المحل ، منها بيع ما تلده البهيمة ، فالبيع معلّق على ولادة البهيمة ، فإن ولدت لزم المشتري الثمن على أي صفة جاء بها المولود ، وإن لم تلد ، فلا يكون هناك بيع ، لهذا اعتبر هذا البيع ممنوعاً للجهل بصفة المبيع .
  • الجهل بمقدار المحل ، فلا يصح بيع سلعة مجهولة القدر ، أو بيع سلعة بثمن مجهول القدر .
  • الجهل بذات المحل ، كبيع ثوب من ثياب مختلفة ، أو بيع شاة من قطيع ، دون تحديد ذات السلعة المباعة .
  • الجهل بالأجل ، كالبيع بثمن مؤجل إلى أجل غير محدد ، كبيع سلعة بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ، وفي ذلك غرر ناشئ من تأجيل الثمن إلى أجل مجهول .
  • عدم القدرة على التسليم ، فلا يصح بيع ما لا يقدر على تسليمه ، كالبعير الشارد الذي لا يعلم مكانه ، أو بيع الدين بالدين ، أو بيع الإنسان ما اشتراه قبل قبضه .
  • التعاقد على المعدوم ، وفيه قاعدة " أن كل معدوم في الحال ، مجهول الوجود في المستقبل ، لا يجوز بيعه ؛ وأن كل معدوم محقق الوجود في المستقبل ، بحسب العادة ، يجوز بيعه " .
  • عدم رؤية المحل ، وهو ما يعرف ببيع " العين الغائبة " ، واختلف الفقهاء في جواز بيع العين الغائبة ، فقال بعضهم : لا يجوز مطلقاً ، ولابد من مشاهدة العين المبيعة وقت العقد ؛ وقال الجمهور بجوازها على الصفة ، وأثبتوا حيار الرؤية ، فإن رأى المبيع على غير ما وُصف له ، فله الخيار في إمضاء البيع أو فسخه .

ومن الغرر ما يقع في صيغة العقد وله صور متعددة نذكر منها ما يلي :

  • النهي عن بيع الحصاة ، واختلف في تفسيره فقيل : هو أن يقول : إرم بهذه الحصاة ، فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا ، وقيل : هو أن يبيعه من أرضه بمقدار ما انتهت إيه رمية الحصاة ، وقيل : أن يبيعه سلعة ويقبض على كف من الحصى ، ويقول : لي بكل حصاة درهم .
  • النهي عن الملامسة والمنابذة : فعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال : “ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع “ .
    أمّا الملامسة : أن يتساوم الرّجلان في سلعة ، فإذا لمسها المشتري لزم البيع ، فيجعلان نفس اللمس بيعاً .
    وأمّا المنابذة : فأن يتساوم الرجلام في سلعة ، فإن نبذها البائع إلى المشتري ، لزم المشتري البيع ، فليس له ألا يقبل ؛ ومعني ينبذ : يبرز ويخرج .
  • البيع المعلّق : هو ما علّق وجوده على وجود أمرِ آخر ممكن الحدوث ، مثل أن يقول شخص لآخر : بعتك داري هذه بكذا ، إن باعني فلان داره ، فيقول الآخر قبلت ؛ وكلا المتبايعين لا يعلم هل يحصل الأمر المعلّق عليه فيتمّ البيع ؟ أم لا يحصل فلا يتمّ ؟ ، وقد يحصل في وقت تكون رغية البائع أو المشتري فيه قد تغيّرت ، ففي البيع المعلّق غرر من حيث حصوله من عدمه ، ومن حيث وقت حصوله ، ومن حيث الرضا عند حصول المعلق عليه .
  • البيع المضاف : وهو ما أضيف إليه الإيجاب إلى زمن المستقبل ، كأن يقول أحدهما بعتك داري هذه بكذا من أول السنة القادمة ، فيقول الآخر قبلت ؛ ومدخل الغرر إلى البيع المضاف هو إحتما تغير ظروف أحد طرفي العقد ( البائع أو المشتري) أو تغيّر ظروف السوق مثل ارتفاع ثمن السلعة أو انخفاضه ، وربما تغيرت السلعة نفسها ، فيقع النزاع بينهما . والغرر في البيع المعلّق أظهر منه في البيع المضاف .
  • النهي عن المزابنة والمحاقلة : فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : “ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة “ .
    أمّا المزابنة : فهي شراء التّمر بالتّمر على رءوس النخل ؛ أي يقدّرون التّمر الذي على النخل دون أن يقطع ، فيبيعونه بهذا التقدير بتمر عند المشتري بالكيل ، فهذا البيع على هذه الصورة لا يجوز .
    وأمّا المحاقلة : فهي كالمزابنة لكنها خاصّة بالحبوب فقط ، وهي بيع الحبّ في سنبله بكيل من الطعام معلوم ، وعرّفها بعضهم بأن يؤجر الأرض ببعض ما يخرج منها ، وفيها مسألتان :
    الأولى : أن يؤجر الأرض ببعض ما يخرج منها مشاعاً ، كأن يؤجرها بربع المحصول أو ثلثه ، فهذه الحالة جائزة .
    الثانية : أن يؤجرها ببعض المحصول من مكان معين من الأرض ، فهذا لا يجوز لما فيه من الغرر ووقوع النزاع .
  • بيع العـُربـُون أو العـُربان : وفيه يدفع المشتري للبائع مبلغاً من المال ، على أنه إن أخذ السلعة يكون ذلك المبلغ محسوباً من الثمن ، وإن ترك السلعة فالمبلغ للبائع .
    ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز هذا العقد لما فيه من الغرر والمخاطرة والنزاع ، وذهب الشيخ العثيمين إلى صحته ، وجوّزه المجمع الفقهي سواء في البيع أو الإجارة إذا قيّدت مدّة الأنتظار بزمن محدد .
  • النهي عن بيع السنين أو المعاومة : ويقصد به بيع ثمر الشجر لمدة عامين أو ثلاثةأو أكثر ، فهذا لا يجوز .فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : “ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة “ .
  • النهي عن الثنيا : وهي الإستثناء في البيع ، وهو على صورتين :
    الأولى : إستثناء غير محدد : كأن يقول بعتك هذه الأشجار أو الثياب إلا بعضها ، فهده الحالة لا تجوز لجهالة المستثنى .
    الثانية : استثناء محدد ، كأن يقول بعتك هذه الأشجار إلا هذه الشجرة ، فهذه جائزة لعدم جهالة المستثنى .

هذا وقد نبّه العلماء على أهمية معرفة الغرر ، وما ينتج عنه من صور مختلفة ، وأنه أصل من أصول فقه البيوع ، وعليه يقاس الحكم على الكثير من المعاملات المالية المعاصرة كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى .

الخلاصات

أدخل بريدك الإليكتروني

أرشيف المدونة

آخر مواضيع حمزة توك

 

بعض الحقوق محفوظة 2009

Creative Commons License
.