الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد :
فإن من أهم سمات الشريعة الإسلامية أنها شاملة لجميع نواحي الحياة ، فالإسلام عقيدة وشريعة ، منهج حياة ونظام مجتمع ، وتتجلى حقيقة ذلك عندما تجد أن الإسلام قد إهتم في تشريعاته بجميع نواحي الحياة ، فهو من ناحية ينظم العلاقة بين العبد وربه من عبادة يحبها الله عز وجل وفق معتقد سليم صحيح ، ومن ناحية أخرى ينظم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان سواء في العلاقات الزوجية من نكاح وطلاق وغيره أو تشريعات قانونية أو معاملات مالية ، وغير ذلك من جوانب الحياة .
ولقد إهتم الإسلام بالمال إهتماماً كبيراً وجعله أحد مقاصد الشريعة الخمسة ، وجائت شرائعة منظمة للمعاملات المالية لبيان ما يحل منها وما يحرم .
فجعل الإسلام أساس المعاملات هو التراضي فتراه يحرم أكل أموال الناس بالباطل ، وأعطى لصاحب الحق إمكانية الإستيثاق لحقه بكتابة العقود والإشهاد عليها ، ولطالب الرهن وثيقة لحقه ، أو أن يضمن المدين شخص آخر معه .وحتى لا يتلاعب أحد بأموال الناس فقد جعل الشرع لأصحاب الحقوق أن يطالبوا غريمهم بديونهم ، بل سلطهم على ماله بالحجر عليه لو ماطل أو أفلس . وأمّا القصّر من الصغار والمجانين فلا تضيع أموالهم هدراً بين الناس بل أوجب حفظ أموالهم بالولاية والوصاية لحين ينمكنوا من التصرف في أموالهم فتردّ إليهم .وفوق ذلك كلّه نجد أن الشريعة قد حرّمت الرّبا بكل صوره ، وحرّمت الحيل المؤدّية إليه ، وتوعد الله عز وجل آكلي الربا أشدّ الوعيد بالحرب من الله ورسوله وأمرهم بالمبادرة إلى التوبة .
هكذا اهتم الإسلام بالمال ونظّم معاملاته حفاظاً على الحقوق من الضياع ، وقد جاءت الأزمة المالية العالمية مظهرة حجم الضعف الموجود في الإقتصاد القائم على الرّبا ، ومظهرة أيضاً قيمة الإقتصاد الإسلامي حتى طبقت بعض البنوك والبورصات العالمية بعض قواعد الإقتصاد الإسلامي مثل خفض سعر الفائدة حتى وصل إلى صفر في بعض الحالات ، إلغاء عمليات البيع على الهامش التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية ، ويمكنك قراءة هذا المقال ، وهذا أيضاً للتوسع في هذه النقطة .
من هنا جاءت فكرة هذه المدونة لتسليط الضوء على نظام الإقتصاد الإسلامي ، ولتبسيط وتقريب مصطلحاته ومبادئة حتى يتسنى للجميع فهمها وتطبيقها ، سائلين المولى عز وجل أن يجعل التوفيق حليفنا إنه ولي ذلك والقادر عليه ، ولا تبخلوا علينا بنصح أو توجيه .